أثار القرار الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس الثلاثاء، والذي يتعلق بإجراءات إستثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات بالعملات الأجنبية، شكوكاً وهواجس لدى اللبنانيين، في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم وتخوّف من انهيار نقدي محتّم كما يُشاع في الفترة الاخيرة.
ويُجيز التعميم “إجراء أية سحوبات أو عمليات صندوق نقدًا من الحسابات أو المستحقات العائدة له بالدولار الأميركي أو بغيرها من العملات الأجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، أن تقوم بتسديد ما يوزاي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقًا لسعر السوق وذلك استنادًا للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني”.
وفي قراءة أوليّة لمضمون التعميم، أجرى “ليبانون ديبايت” اتصالاً مع الباحث الاقتصادي البروفسور روك- انطوان ريمون مهنا، الذي اشار الى “تداعيات اقتصاديةكبيرة تترتب على هذا القرار” واصفاً اياه بـ”هيركات مقنّع“.
ويرى البروفسور مهنا، انّ هذا “التعميم جاء في إطار خيارَيْن، الخيار الاول ناديت به منذ أربعة أشهر” يقول مهنا، وهو “الأفضل ويقضي بإنشاء صندوق سيادي لموجودات وعقارات تابعة للدولة اللبنانية التي تتعدى المليار وميتين مليون متر مربع، وبعض المرافق العامة مع حوافز لبيع اراض للبنانيين مغتربين مع ضم وفرز وحوافز ضريبية وتسجيل اعفاءات، ما من شأنه إدخال عملة الى لبنان، وبذلك تساهم الدولة قي تغطية بعض العجز في الفجوة المالية. وأما مساهمة المصارف لتغطية رأس المال تكون إما من خلال الدمج أو من خلال بيع أسهم او عبر بيع اصول المصارف في الخارج لزيادة رأس المال من الخارج”.
أما الخيار الثاني، يؤكد مهنا أنه “الاسوأ وهو الخيار “المُلزم” او “الاجباري” (forced conversion) ونأسف في حال الوصول الى تطبيقه، ويكون بإلزام المودعين سحب ودائعهم بالدولار بقيمة سعر صرف الليرة الذي يحدده مصرف لبنان وليس بالضرورة سعر صرف السوق ومن الممكن ان يكون السعر الوسطي 2600 ليرة لبنانية”.
كما يعتبر مهنا في التعميم الصادر أمس انه على “درجة متقدمة من الخطورة، فهو لا يشير الى تحرير سعر الصرف بالضرورة ولكنه يشير الى عدم توفر الدولار في المصارف، وهو محاولة أو وجه من وجوه تطبيق الـ “هيركات” فعلياً، لذلك علينا اولا ان ننظر الى سعر الصرف الذي سوف تعتمده المصارف بحسب المنصة الالكترونية وحاليا يبلغ 2600ل.ل.، أي هيركات بنسبة 20% لكافة المودعين صغاراً وكبار ومن المرجح ان تتدهور الامور وتتصاعد النسبة في حال ارتفع سعر الدولار“.
ويُتابع، “الاسئلة المطروحة في هذا السياق: هل سيتمكن مصرف لبنان من خلال ضخ الدولار من لجمه تحت سعر 3000 ل.ل.؟، هل سيؤدي ذلك الى تراجع قيمة الليرة اللبنانية في ظل عدم القدرة على ضبط الاسعار واحتكار التجار وتفلت اسعار المواد الغذائية دون رقيب او حسيب؟”.
وأضاف البروفسور مهنا، “يسود الاعتقاد أن من شأن هذا التعميم تهدئة الرأي العام والشارع في ظل الفوضى الحاصلة، ورمي المسؤولية على المصارف من خلال الزامهم بسعر صرف الدولار وتحميلهم تبعات الازمة”.
وخَلُص البروفسور روك-انطوان ريمون مهنا، الى أن “هذا التعميم هو إعلان رسمي بعدم توفر الدولار في المصارف، وهو شكل من أشكال الـ “هيركات ” أو “هيركات مقنّع“، ومن شأنه أن يخلق تراجعاً في القدرة الشرائية وتضخم في الاسعار والضغط على الليرة اللبنانية في ظل أي سعر صرف تعلنه المصارف مع المصرف المركزي”.
المصدر:”ليبانون ديبايت”