لم تنج لوائح المساعدات المالية والاجتماعية في لبنان من التجاذبات والمناكفات السياسية، بحيث ان هناك من وجد فيها فرصة للتصويب على خصمه او للمزايدة عليه، ولو عبر التمترس خلف معاناة العائلات الفقيرة والأشد فقراً، والمتاجرة بأوجاعها.
لكن هذا الواقع لا ينفي، بطبيعة الحال، حقيقة أخرى، وهي انّ اللوائح الاسمية كانت مخترقة من «متطفلين» هم كناية عن محاسيب ومنتفعين تسلّقوا عليها، بقوة الواسطة وبغطاء المتنفذين، لاقتناص مساهمة غذائية او مالية، وانتزاعها من الذين يستحقونها. وإزاء مكامن الخلل في اللوائح، علمت «الجمهورية»، انّ وزارة الشؤون الاجتماعية وضعت خطة لتطوير «مشروع استهداف الأُسر الاكثر فقراً»، ولتحصينه ضد فيروس الفساد، وذلك بإشراف مباشر من المدير العام القاضي عبدالله احمد.
وتشير الخطة الى انّ «مشروع استهداف الأُسر الاكثر فقراً» يعاني من مشكلات عدة وصعوبات تقنية ولوجستية ومالية، تعيق وصوله الى كافة الأُسر الفقيرة فقراً مدقعاً، وتقلّل من الخدمات التي يقدّمها المشروع الى المستفيدين منه، وتتسبّب بهامش خطأ في بيانات الأُسر المستفيدة.
وتلفت الخطة، الى انّه سبق ان تمّ تحديد خط الفقر الأدنى (Low Poverty Line ) بـ 5.7 دولارات اميركي للفرد في اليوم الواحد، في حين أنّ 8.6 دولارات اميركي هو خط الفقر الأعلى (High Poverty Line)، «غير انّ تردّي الأوضاع الاقتصادية والمالية يحتمّ علينا اعادة النظر في المؤشرات التي يقتضي اعتمادها في قياس الفقر وعتبة كل من خط الفقر الادنى وخط الفقر الاعلى، كما واعادة النظر بالاستمارة المعتمدة في الزيارات الميدانية الى الأسر الاكثر فقراً، وادوات التقييم المعتمدة، والتي من خلالها نحدّد ما اذا كانت الأسرة تحت خط الفقر الأدنى، على أن يتمّ تكليف فريق عمل من اصحاب الاختصاص، المباشرة بتحديد المؤشرات التي يقتضي اعتمادها في قياس الفقر ووضع الاستمارة وتحديد خط الفقر الأدنى والأعلى ووضع معادلة حسابية دقيقة».
وفي ما خصّ استقطاب الأسر الاكثر فقراً واستهدافها، تلحظ الخطة اعتماد مركز خدمات انمائي او اكثر في كل قضاء، لاستقبال طلبات الأسر الاكثر فقراً، «في اعتبار انّ مراكز الخدمات الانمائية المدخل الاساسي والضروري لاستهداف الأسر الفقيرة ومساعدتها وتأمين الحماية لها، وذلك نظراً لكونها منتشرة على كافة الاراضي اللبنانية، ويدخل ضمن اطار صلاحياتها التنمية بكافة اشكالها وإجراء الإحصاءات ومتابعة قضايا ومشكلات الأسر والفئات المهمشة».
وتشدّد الخطة على اهمية الاعلام والاعلان في التعريف عن المشروع عبر أدوات ووسائل مختلفة، «لأنّه كلما تمكّن المشروع من استهداف العدد الاكبر من الأسر الفقيرة كلما كان هامش الخطأ فيه اقلّ وكلما كانت فعاليته أعلى».
وتقترح الخطة ان يُعتمد في استقطاب الأسر الاكثر فقراً على الوسائل الالكترونية، ولا سيما الهواتف المحمولة، بحيث يمكن لصاحب العلاقة ارسال رسالة نصّية معتمدة وموحّدة الى رقم هاتف تابع للمشروع او اكثر، مخصّص لكل قضاء من الاقضية في المحافظات، او ارسال بيانات محدّدة على تطبيق او موقع مخصّص للمشروع.
وورد في الخطة، انّ على فريق العمل العامل في المركز المعتمد، ان يدقق في كافة اللوائح الاسمية والعناوين، وان يُدخلها على البرنامج الخاص بها ثم يحيلها الى المنسق في القضاء الذي يحيلها بدوره الى الفريق الميداني (عمال اجتماعيين) المكلّف تعبئة استمارة تقييم الفقر في الأسرة.
ثم تُرسل الاستمارة الكترونياً الى الادارة المركزية للمشروع، وعلى برنامج خاص به، حيث يوجد فريق عمل مهمته الاساسية التدقيق في المعلومات الواردة في الاستمارات والتأكّد من كفايتها. وفي حال تبيّن عدم كفاية المعلومات يُطلب الى العامل الميداني استكمال المعلومات المطلوبة.
وتبعاً للخطة، يمنح المشروع الأسرة المصنّفة في وضع فقر مدقع بطاقة الكترونية ممغنطة، تسمح بتسجيل كافة الخدمات التي استفادت منها تلك الأسرة.
وتوضح الخطة، انّه يمكن إيلاء مهمة الرقابة والتقييم لوحدة مرتبطة بالمشروع، مقترحة الاعتماد على القطاع الخاص في هذا المجال.
المصدر:”الجمهورية”