إكتشاف من نوع آخر… في زمن كورونا

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

هي فرصة قد لا تتكرر كثيرا في حياة البشرية، وطبعا اللبنانيين، ان يأخذ الكوكب اجازة عن دوران الحياة واذ بالعالم ينتبه ولو للحظة الى أبسط التفاصيل التي تحيط به وبيومياته لكنه ما كان يعيرها أدنى اهتمام.


وأما في لبنان فكانت الوجهة خاصة ومميزة، هرباً من كورونا، فاختار اللبنانيون ان يعودوا الى الطبيعة الأم حيث الرئة التي لا تعرف المرض ولا ينقص فيها معدل أوكسيجين الحرية والحياة الا اذا ما سرقه منها الانسان بتلوثه ومصانعه وأذيته.

ففي زمن كورونا، اكتشاف آخر لكنه جميل كتلك المعالم الاثرية التي ما كان جيرانها من الجيل الجديد يعلمون بوجودها حتى، كتلك المطاحن القديمة التي يعود تاريخها الى عشرات السنين والتي تنتشر على طول نهر شتوي غزير على سفح جبل الشيخ – حرمون، وتحديدا بين بلدتي تنورة وبيت لهيا.

فلزيارة تلك المنطقة التي يصعب الوصول اليها بالسيارات وتحتاج لاجتياز مسافة غير قليلة سيرا على الأقدام، طعم خاص في أيام يُهدَّد اللبنانيون بلقمة عيشهم في كل لحظة، تارة بنقص المواد الغذائية في الاسواق وتارة اخرى برفع سعر ربطة الخبز الذي لم يعد صناعة لبنانية مئة في المئة، فلبنان يستورد حتى القمح والطحين.

فكم هي حقيقة مرة ان تكتشف ان لبنان كان وطن خير وبركة، وكان لديه اكتفاء ذاتيا أقله برغيف الخبز، وما هذه المطاحن القديمة الا خير دليل على تطورنا السلبي من شعب منتج الى مجتمع استهلاكي حتى في قوته وغذائه.

ما بالنا نطالب أمام هكذا موقف؟ هل نطالب وزارة الثقافة بالاطلاع على هذه المعالم الاثرية والعمل على صونها وحمايتها؟ولكن ما الفائدة من ذلك اذا لم يتعلّم الشعب اللبناني كيف يكون شعبا متقدما منتجا ليستطيع تحدي الاستحقاقات في زمن كورونا وربما في الزمن القادم الأسوأ.

الاجابة الاكثر عبرة كانت على لسان رجل ستيني صودف وجوده في محيط تلك المطاحن بحثا عن عشبة “العكوب” التي تنبت بكثرة في هذا الوقت في تلك المنطقة وينتظرها الأهالي من عام الى عام، الذي قال وبنبرة الواثق: “هودي رح يرجعو يشتغلو”… وضحك مع هزة رأس المصرّ على كلامه!

نعم انه على حق، فعندما يكون تاريخ أي شعب أغنى من حاضره لا بد أن يكون مؤمناً أكثر بالماضي ولا يمتلك أي فكرة عن المستقبل…

(الصور بعدسة ريدان شروف)