كتب عبدالكافي الصمد في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “كورونا في الضنّية: الإهمال يفتح أبواباً واسعة للقلق وتفشّي الوباء”: “عاشت بلدة سير ومعها بلدات وقرى الضنية كافّة، يوم أمس، قلقاً غير مسبوق، ومخاوف تسارعت وتيرتها بعد الإعلان عن ظهور أربع إصابات بفيروس كورنا في عروس مصايف الضنية ومركزها الإداري، ما أعطى إنذاراً بالغ الخطورة بأنّ الأيّام المقبلة قد تحمل معها المزيد من الإصابات بفعل تفشّي الفيروس، ووقوع كارثة لا تحمد عقباها.
اللافت في الأمر أن الإصابات الأربع ظهرت في عائلة واحدة هي عائلة ح. ز. العامل في تربية النحل وإنتاج العسل، والذي أعلن يوم الجمعة الماضي، في 17 نيسان الجاري، إصابته بالفيروس، لتلتحق به أمس زوجته وولداه وابن شقيقه، ما رفع عدد الإصابات في الضنية إلى ستّ إصابات، بعدما كانت الإصابة الأولى في المنطقة قد ظهرت في بلدة عاصون في 3 نيسان الجاري، عندما أعلن عن إصابة الشاب ف. د. بالفيروس.
وجاء الكشف عن الإصابات الأربع بعد الإختبارات التي أجراها فريق طبي متخصص من وزارة الصحة في مستشفى سير ـ الضنية الحكومي، بالتعاون مع طبيب القضاء الدكتورة بسمة شعراني ورئيس لجنة الصحة في اتحاد بلديات الضنية الدكتور محمد سلمى، حيث أجريت فحوصات مخبرية لـ72 شخص خالطوا المصاب، جاءت نتائج أربعة منهم إيجابية.
منذ بداية حالة التعبئة العامّة ودعوة المواطنين إلى التزام الحجر الصحي في منازلهم، وعدم اختلاطهم مع آخرين خشية انتقال الفيروس إليهم، كانت مواقف عدّة تصدر من نائبي المنطقة جهاد الصمد وسامي فتفت، ومن إتحاد بلديات الضنية والبلديات ورجال دين ومن الجمعيات وهيئات المجتمع المدني وناشطين ومواطنين، تدعو الاهالي إلى عدم الإستخفاف بالفيروس، والتعامل مع مخاطره باستلشاق وعدم مسؤولية، لأن الإهمال قد يؤدّي إلى عواقب وخيمة، وأن القول بأن طبيعية المنطقة الخضراء وبيئتها الجميلة والهواء النقي فيها، وحرص أهلها على نظافتهم الشخصية، وغير ذلك من المبررات، ليس بذي فائدة، ولا يحول دون تعرّض المواطنين للإصابة بالفيروس، وهذا ما حصل.
وأحد الأدلّة على عدم مسؤولية قسم من أهالي المنطقة تجاه مخاطر فيروس كورونا، هو ما شهده جسر يعتبر أعلى جسر في لبنان ويربط بين بلدتي بقرصونا ونمرين في أعالي جرود الضنية يوم أمس، من إشكال وقع بين رئيس بلدية نمرين أحمد حمّود ومجموعة شبّان من القرى المجاورة على خلفية التجمّع عند الجسر، حيث طلب حمّود من المتواجدين على الجسر عدم التجمّع حفاظاً على السلامة العامّة، فالجسر لم يتم الإنتهاء من تجهيزه بعد ويحتاج إلى إجراءات أمان، كذلك تنفيذاً لقرار التعبئة العامة بسبب الخشية من تفشّي فيروس كورونا، إلا أنهم لم يستجيبوا له، ممّا أدى إلى حصول تلاسن سرعان ما تطوّر إلى إشكال، قبل تتدخّل فاعليات وقوى الأمن لفضّ الإشكال وإنهاء التجمع.
وزاد من المخاوف أنّ البنى التحتية الصحّية في الضنّية ضعيفة للغاية، إذ باستثناء المستشفى الحكومي في بلدة عاصون، وبعض العيادات الصغيرة والمجهّزة تجهيزاً بسيطاً، فإن الواقع الصحّي في الضنّية غير قادر على تحمّل أعباء الفيروس إذا تفشّى وانتشر على نطاق واسع بالمنطقة، كما أنّ وزارة الصحّة لم ترسل فريقاً طبياً للكشف على المشتبه بإصابتهم بالفيروس إلا أواخر الأسبوع الماضي بعد ظهور الإصابة الأولى في بلدة سير.
هذا التطوّر الذي ينذر بالأسوأ، ويجعل مشهد تفشّي الفيروس في الضنّية مشابهاً لتفشّيه في أقضية أخرى مثل زغرتا وبشري، عندما تهاون الأهالي وتعاطوا باستخفاف مع مسألة الحجر الصحّي في المنازل، إذ كانت النتيجة أن الأمور خرجت بعدها عن السيطرة، وتفشّى فيروس كورونا فيها على نطاق واسع.
فهل تكون الإصابات الأربع التي ظهرت في الضنية أمس مقدمة لظهور إصابات أكثر في الأيّام المقبلة، أم أنّ حرص الأهالي والتزامهم الحجر الصحّي المنزلي يكون حائلاً دون تفشّيه وانتشاره في المنطقة؟”.
المصدر:”سفير الشمال”