يزداد الغرام الاعلامي برياض سلامة والمصارف خلال الاسابيع الثلاثة الأخيرة
من شأن الصور التي نشرتها مراسلة الصفحة الاقتصادية في قناة “ام تي في” ان تخلق أملاً في استقرار مفترض لسعر صرف الدولار في الأسواق الموازية، لكنها لا تلغي نقاشاً واسعاً انطلق في مواقع التواصل ومجموعات “الواتسآب” حول الغرض، والأهداف، ودور المصرف المركزي المستجد، واختيار مراسلة المحطة لتسريب الصور اليها.
والنقاش من الناحية الاقتصادية، ينطلق من حيثيتين. الأولى، اختيار كبار الصرافين لضخ الدولار لديهم، بدلاً من المصارف، ما يحمل مؤشرات خطيرة الى تعويم قطاع الصيرفة الموازية لتضطلع بدور المصارف التي تحجب العملة الصعبة عن المودعين، وبالتالي استبدال دور قطاع بآخر، طالما أن ضخ الدولار اتجه نحو الصرافين. والثانية، تتمثل في تعويم هذا القطاع، وتغطية تجاوزاته لناحية عدم الالتزام بسعر الصرف الذي يحدده مصرف لبنان لقطاع الصيرفة (2000 ليرة للدولار الواحد بحسب تعميم سابق، وتعميم آخر يعترف بسعر السوق بأنه 2600 ليرة). وهو بذلك، في حال عدم تغطية التجاوزات، يعترف بسعر الصرف على مستوى الـ3000 ليرة، وتالياً، محاولة تثبيت سعره، ما يعني أن سعر الصرف سيرتفع أكثر، كما درجت العادة بعد كل تعميم لمصرف لبنان.
ورغم أن مجموعات “واتسآب” تناقلت الصور على نحو واسع، ونجحت في خلق أوهام حول تغيير مفترض في سعر الصرف، الا انه تبين أن لا مفاعيل واقعية للمبادرة ولا لتسريبها، ذلك أن سعر الصرف لم يستقر عند عتبة الـ3 آلاف، وواصل صعوده، ما يحيل المبادرة وتسريبها الى ميدان “الدعاية” غير الموفقة لحاكم المصرف المركزي.
وجميع جهود الدعاية وتلميع الصورة، لم تعد بأي فائدة على سلامة منذ انطلاق ثورة 17 تشرين. لم يستطع سلامة أن يغير صورته التي انطبعت في أذهان الناس كرجل يتحمل جزءاً معتبراً من المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد. ولن تزيل بسهولة ما ورد في الفيديو الذي قدمته ديما صادق عبر موقع “درج“، حول وثائق تتحدث عن ثروة يمتلكها تناهز الملياري دولار. وذلك يعود الى سببين:
أولهما، ان الوثائق والمعلومات التي تثبت تصورات الناس ورغباتهم، من غير أي انجاز عملي يدحضها، يصعب إزالتها من أذهانهم، خصوصاً أن هناك انقساماً سياسياً حول دور رياض سلامة، تطغى فيه المعلومات عن مسؤوليته، وهو لم يصدُق في معظم التصريحات التي ادلى بها لجهة ثبات سعر الصرف، و”الليرة بخير” وما الى هنالك من تصريحات لم تثبت الوقائع صحتها.
وثانيهما أن سلامة، لم يقم بأي خطوة عملية تدحض المادة الهجومية التي يستغلها خصومه لمهاجمته، لا خطوات لإزالة القيود عن ودائع الناس، ولا لتثبيت سعر الدولار. وبالتالي، فإن المردود الفعلي للصور المسربة الآن، سيُضاف الى حملة تلميع الصورة عبر المقابلات التي يظهر فيها، والمعلومات التي ينشرها صحافيون، وهي لا تقدم شيئاً يجعل رد فعل المواطنين يتخطى توجيه الانتقادات والشتائم لإعلاميين ينخرطون في تلك الحملات. والحال انه في الفترة الاخيرة، يزداد الغرام الإعلامي بمصرف لبنان والمصارف، وذلك يثير أسئلة عن الهدف، في ظل أنين الناس ووجعهم، ومطالبهم بتحرير أموالهم من المصارف. وهذا الغرام ليس وليد ساعته، بل تضاعف خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة. ذلك أن مصرف لبنان، كما المصارف، له الفضل على بعض الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، بدءاً من الموافقة على قروض ميسّرة، وصولاً الى الإعلانات ورعاية برامج تلفزيونية توفر استمرارية “لنجوم”، فيما لا يتقاضى معظم العاملين سوى أنصاف رواتبهم.
المصدر:”المدن”