ليست بالسياسة وحدها تحيا الأحزاب. قد يكون لوصول الكورونا إلى لبنان سلبيات عديدة، لا تعد ولا تُحصى، ولكنّها ورغم قساوتها حملت معها إيجابيّات قد تكون محدودة عدداً، ولكنها كبيرة بمضامينها ونتائجها الإجتماعية والوطنية على المدى البعيد. فلقد كشفت الكورونا عن وجوه لم يألفها اللبنانيون للأحزاب والتيارات السياسية التي انتهجت العمل السياسي طيلة سنوات، فيما تحوّلت بعضها مع الأزمة إلى خلايا نحلٍ تعمل لخدمة الإنسان فقط لا غير.
نعم، نجحت الكورونا بنزع أقنعة الحدّية السياسية، وكشفت عن وجوه حزبية تبتسم للمواطن وتمدّ له يد العون. “التيار الوطني الحر” هو أحد هذه الأحزاب التي تقدّم نموذجاً عن لعب الحزب السياسي دوراً رسالياً اجتماعيًا لا مصلحياً.في “التيار”، سارعت القيادة الحزبية إلى إنشاء لجنة للطوارئ تنضوي في إطارها لجان عديدة تنشط كل في اختصاصها، هي في الأصل لجان موجودة ويقوم عليها الجسم الإداري ل”التيار”، وذلك من أجل القيام بعمل استثنائي يتماشى مع الأزمة الصحّية التي تمر بها البلاد.
من أعلى الهرم إلى القاعدة، هناك شعور بالمسؤولية، فرئيس الحزب جبران باسيل، والذي نقل اجتماعاته واستقبالاته الضرورية إلى منزله في اللقلوق حمايةً لأسرته، يتواجد أيضاً بشكل دائم في ميرنا الشالوحي مشرفاً على العمل الكبير الذي تقوم به لجنة الطوارئ واللجان التابعة لها، كما يقوم بجولات تفقدية على الأرض.
على صعيد اللجان، ينشط المكتب التربوي بصفته إحدى هذه اللجان العاملة ضمن خطة الطوارئ، والتي تركّز جهودها بالأصل على صعيد المدارس والجامعات وتتابع شؤون الجسم التعليمي والطلّابي، وارتأت في زمن الكورونا، وبالتوازي مع ما تفعله وزارة التربية، تحويل دعمها للطلاب من خلال صفوف الدعم في المناطق إلى صفوف إلكترونية مجّانية لأي طالب لبناني يرغب بالإنضمام، لا سيّما طلاب صفوف الشهادات.
يتعاون المكتب التربوي في نشاطه هذا مع فريق الإستجابة في “التيار”، والذي يشكّل قطاع الشباب أحد أضلعه الأساسية، القطاع الذي أوكلت إليه مهمّات جمّة في هذه الأزمة، فإضافة لمساهمته في موضوع التعليم الإلكتروني، ينشط أعضاؤه في توضيب وتسليم الحصص الغذائية التي يوزّعها “التيار” على العائلات المحتاجة في المناطق بأعداد كبيرة انطلاقًا من مركزية “التيار” في سن الفيل،إضافةً لعملهم في الـcall center الذي يتلقى شكاوى وطلبات المواطنين، ليتم بعدها إيصال الغذاء والدواء إلى عدد كبير من العائلات التي تلتزم الحجر الصحي. كل هذا يحصل ضمن إجراءات صحيّة عالية الدقة تبدأ منذ وصول الفرد إلى المركزيّة تعقيماً وقياسا لحرارته إضافة لتعقيم كل المواد التي تُقدّم كمساعدات عينية للمواطنين.
ضمن فريق الإستجابة أيضاً هناك وحدة التعقيم، التي تعمل لـ١٢ ساعة متواصلة يومياً، في مختلف المناطق اللبنانية، مدعومةً بالطبع بفريق الإنضباط ب”التيار” الذي يؤمن عملها اللوجستي. تقوم الوحدة، وبالتنسيق مع البلديات، بتعقيم شوارع البلدات والمراكز البلدية فيها، إضافةً إلى مختلف دور العبادة من كنائس ومساجد، وذلك بحرصٍ ومنعاً لأي استفزاز وبعيداً عن أي طابع سياسي، حيث يحترم التيار قرار كل بلدية ترفض تعقيم الوحدة لنطاقها. الوحدة تضم حوالي 25 شخصاً مع آلياتهم وهم من المتطوعين كسائر اللجان العاملة ضمن خطة الطوارئ تلك، ويواكبهم في كل منطقة بين ال10 إلى 15 شخصاً للمساعدة على الأرض.
أما على صعيد التوعية والوقاية، فتنشط هيئة الأطباء في “التيار” بشكل كبير لمواكبة جهود مع الحكومة من أجل منع انتشار الوباء في صفوف الناس، إضافةً لدور كل طبيب من الأطباء في مركزه الطبي وبين مرضاه كل حسب اختصاصه. تتعاون الهيئة بالطبع مع لجنة الإعلام المركزية في “التيار”، والتي تنشط على عدة أصعدة مع عدد كبير من اللجان من أجل نقل عملهم من خلال البيانات أو حتى الفيديوهات التي تساهم بالتوعية، وكذلك بالتشجيع على الإنخراط في الخدمة العامة.
من جانبها قامت لجنة التواصل بإنشاء موقع إلكتروني مخصّص للكورونا، ونشرت فيه كل السياسات الوقائية، وكذلك نشاط لجنة الطوارئ.
أما لجنة المهندسين، والتي توصّلت بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، إلى تصميم جهاز للتنفّس ، فستعمل لاحقاً على تصنيعه من أجل دعم المستشفيات اللبنانية التي تعاني من نقص في هذه الآلات وصعوبة في إصلاح المعطّل منها، علماً أن “التيار” جهّز ثلاث عيادات نقّالة تُجري الفحوصات اللازمة في مختلف المناطق اللبنانية.
أمّا لجنة الزراعة في “التيار”، والتي تنشط بالتعاون مع الـLNE، في إطار حملة “أمنك الغذائي.. أمّنو”، فهي تركّزعلى المساحات الزراعية الصغيرة والتابعة لأفراد، وتقدم النصيحة والمشورة عبر مهندسين زراعيين حول ما يُفضّل زرعه سعراً وكمّاً ونوعاً، إضافة لتأمين البذورلمساعدة الناس وتشجيعها على زراعة أرضها وتأمين حاجياتها الغذائية.
ولم يقتصر النشاط على الاراضي اللبنانية فقط، بل امتد إلى دول على الإنتشار، إذ يعمل أكثر من 50 مكتباً ل”التيار الوطني الحر” حول العالم في جمع التبرّعات من مقتدرين مغتربين همّهم انتشال وطنهم وأبنائه من الأزمة التي حلّت عليهم. فقطاع الإنتشار كان سبّاقاً في بدء حملة تبرّعات كبيرة من الجاليات في مختلف القارّات، وعليه تمكّن من جمع حوالي 340 ألف دولار، مقسّمة إلى مئتي ألف دولار نقداً، إضافةً إلى مساعدات عينية، منها التبرّع بمعدّات إلى الصليب الأحمر اللبناني بقيمة مئة ألف دولار، على أن يجري تسليمها هذا الأسبوع، إضافةً لأجهزة تنفّس وصلت من مكتب فرنسا في “التيار”، وكذلك 7200 فحص PCR بقيمة 45,000 دولار تبرّع بها لبنانيون في الخارج وهي موجودة في مطار بيروت تنتظر موافقة وزير الصحّة لإستلامها.
وفي المرحلة الثانية من جمع التبرّعات بدأ القطاع بجمع 150 ألف دولار ستخصّص للحصص الغذائية وتوزّع على كل المناطق اللبنانية دون استثناء. اللافت هنا، أن التبرّعات أتت من مختلف الإنتماءات السياسية والحزبية حيث شاركت أحزاب غير حليفة لـ”التيار” في، ما عكس وعياً وطنياً وتضافراً كبيراً للجهود، إضافة إلى ثقة اللبنانيين المغتربين ببعضهم البعض.من رئيس “التيار” إلى أصغر عنصر ناشط في خطّة الطوارئ، حوّلت الكورونا “التيار الوطني الحر” إلى خليّة نحل إنسانية خدماتية لا تهدأ.
المصدر:”ليبانون ديبايت”