كان الأجدى بمَن استاء من “فيديو” للشاب ميشال شمعون على “فايسبوك” متوجّهاً إلى البطريرك الماروني، بغضّ النظر عن الأسلوب، المُبادرة إلى إطعام العائلات الفقيرة من غزير إلى بعبدا، بدل أن يُستدعى الشاب من منزله في غزير إلى التحقيق في بعبدا في عزّ “كورونا“.
ربّما كان الـ”فيديو” قاسياً وصارخاً، لكنّ الطريق من غزير إلى بعبدا أكثر قساوةً وظلماً وفقراً وجوعاً وفشلاً وانهياراً… لأنّ التقصير الإجتماعي والإنساني، وخصوصاً في الوسط المسيحي، بلغ ذروته، ولم يشهد له مثيلاً منذ ما قبل العام ١٩٢٠.حينها كان للبنان مرجعيّات روحيّة وقامات كبيرة وأصحاب قرار يقودون الكنيسة في خدمة شعبها ومحتاجيها، وليس العكس. وفي ذلك الوقت، شكّلت الكنيسة مركزاً للمبادرات والإعلانات المصيريّة واللقاءات الإنقاذيّة، لا مركزاً يتلقّى آلاف الإتصالات والرسائل والشكوى والبكاء يومياً، من دون نتيجة، لطلب المعونة الإنسانيّة وسدّ جوع الأُسَر والأطفال بسبب وباءٍ ألزمَ الآباء والأمهات منازلهم وحرمَهم حتّى من الـ”نصّ معاش” الذي أوصلتهم إليه أفسد طبقة سياسيّة حكمت لبنان.هل أصبحتم عاجزين حتّى عن حمل الهاتف والإتّصال بأصحاب رؤوس الأموال ورؤساء الأحزاب الناشطة والفاعلة لتجييش “ذبابها الإلكتروني” لإطلاق حملة جامعة غير حزبيّة، ومن دون تواقيع هذا وذاك، لتوزيع عشرات آلاف الحصص الغذائيّة إلى المناطق كافّةً، بدل تضييع الوقت وتسخيفه على شنّ الحملات على هذه الجهة أو تلك؟مُبكيةٌ هي عشرات الإتصالات التي نتلقّاها يومياً كصحافيين للمساعدة في تأمين مصادر للمساعدة والإغاثة الطارئة. والمُبكي أكثر “التعتير” الذي وصل إلى حدّ انتظار الـ٤٠٠ ألف ليرة التي لا تُطعم الجائع لـ٣ أيّام.
على الطريق من غزير إلى بعبدا، صرح إستشفائيّ كبير، هو مستشفى سيّدة لبنان الذي أعلن إقفال أبوابه.ما هو الأجدى؟ ضغط البعض لاستدعاء شابٍ إلى التحقيق أو الضرب بالعصا بقوّة لإنقاذ الصرح الإستشفائيّ الذي سعى لإنشائه كبار الكنيسة المارونيّة. اليوم خبر إقفال مستشفى، وغداً دور حضانة، وبعدها مدارس ومؤسسات روحيّة خاصّة… إنّه زمن الصغار حتى يولَد أحدٌ من الكبار.
المصدر:”Mtv”