لبنان ما زال بدائرة خطر “كورونا”: ماذا عن إنهاء التعبئة وفتح المطار؟

لا يمكنُ لأيّ أحد أن يتكهّن بأنّ لبنان خرَج من دائرة خطر “كورونا” رغم إنحدار معدّل الإصابات اليومي. فالمسألة ليست بهذه السهولة، وأي خطأ غير محسوب قد يعيدُنا إلى مرحلة متأخرة من تفشي الفيروس، ويجعل الإصابات ترتفع من دون أي سابق إنذار. وحتماً، فإنّ لبنان يجب أن يستفيد من تجربة الدّول التي ساهمت إلى حدّ كبير في احتواء الوباء لديها، لناحية الإجراءات الطبيّة. لكنّ الأهم في هذا الأمر هو دراسة خطّة للخروج من الأزمة في ما بعد، لأنّ الرهان يبقى على هيكليتها وآلية تنفيذها.

وباعتراف العديد من المسؤولين المعنيّين، فإنّ الأزمة “أخطر مما يعتقد البعض”. أما التطمينات التي تتنامى بين الحين والآخر، فقد كانت سبّاقة للواقع. تقول مصادر نيابيّة معنيّة بملف “كورونا” لـ”لبنان24″ أنه “من الآن وحتى نهاية الشهر الحالي، تتشكّل نقطة الفصل بتحديد مسار لبنان مع كورونا، وهناك خياران لا ثالث لهما: إما الإنتصار وإما الغرق في آتون تفشي الوباء بشكل أكبر”. ووفقاً للمصادر عينها، فإنّ “إمكانية تمديد التعبئة العامّة لمدّة إضافية بعد 26 نيسان قائمة إلى حدّ كبير، على أن تمتدّ هذه المهلة حتى النصف الأوّل من شهر أيار المقبل، ولو أنّ عدد الإصابات يتراجع، والقرار في ذلك مرهونٌ بدراسة كافة المعطيات الميدانية والطبيّة”. وتضيف:”في الواقع، فإنّ عدد الفحوصات اليوميّة في لبنان ما زال قليلاً إلى حدّ كبير، وهذا الأمر لا يعتبر أرضيّة خصبة تمهّد لإنهاء حالة التعبئة، لأن المعطيات والأرقام التي سيتم الاستناد إليها لذلك لا تكفي في هذه المرحلة، والأمر يتطلّب انتظاراً أكبر لجلاء حقيقة ما سيحصل، ومع هذا فإن انهاء التعبئة بشكل غير مدروس مجازفة”، وتقول المصادر: “الأهم في هذه المسألة هو مقاربة الخطّة الأساس للخروج من التعبئة العامّة شيئاً فشيئاً، وهذا الأمر يحتاج إلى ضمانات علميّة في بادئ الأمر، والحياة لن تعود إلى طبيعتها”.

المطار قد يخلط الأوراق
وحتى اليوم، فإنّ الرّهان في دول العالم يبقى في ضبط الحدود التي تعتبرُ الباب الأكبر لإنتشار الوباء، وأي خطوة لإعادة فتح المطارات بشكل غير محسوب، قد يساهم في إحباط كل الجهود المستمرّة لإحتواء “كورونا“. وفي الواقع، فإنّ آلية إعادة فتح مطار رفيق الحريري الدوّلي في أقرب وقتٍ، مطروحة إلى حدّ كبير ويجري النقاش بشأنها، باعتبار أن الدولة اللبنانية لا يمكنها تحمّل الخسائر المتتالية الناجمة عن إقفال المطار. ومع هذا، فإنّه من الممكن أن تكون آلية إعادة فتحه نسبيّة، بحيث سيتم اتباع آلية صارمة ومعيّنة تشمل عدد الرحلات اليوميّة، والدول القادمة منها هذه الرّحلات فضلاً عن عدد الرّكاب القادمين. ولذلك، فإنّ عودة المغتربين اللبنانيين كانت بمثابة التجربة والإختبار لإعادة فتح المطار، لكن التخوّف الأكبر هو في تفلّت هذه الآلية فيما بعد، لأن عودة حركة السفر إلى عهد ما قبل “كورونا” في ظل انتشار الوباء، سيعيد خلط الأوراق من جديد داخل لبنان، وهو الأمر الذي قد يفرض ارتفاعاً جديداً في عدد الإصابات.

هدوء حذِر
وفي أغلب دول العالم، تسعى السلطات الصحيّة إلى رفع عدد فحوصات “كورونا” اليوميّة، باعتبار هذا الأمر سبيلاً أساسياً لجلاء صورة واضحة حول وضع الفيروس وتفشّيه. وفي لبنان، فإنّ خطّة وزارة الصحّة العامّة بتجهيز مستشفيات ومراكز معنيّة بفحوصات كورونا، هو الخطوة الأولى التي تمهّد لتوضيح وضع الفيروس في لبنان. ولذلك، فإنّ السّعي يجب أن يُقابل بإجراءات إضافية، وهو الإقتداء بما تقوم به بعض الدول حول العالم، لناحية تكثيف عدد الإختبارات للمواطنين. الأمر هذا يتمثّل في إنشاء مراكز متخصّصة لإجراء فحص “كورونا” للمواطن وهو داخل سيارته، وذلك من خلال أخذ مسحة الانف للبحث عن أية إشارات لوجود المادة الوراثية للفيروس، والطريقة هذه اتبعت في الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والعديد من الدّول. وفيما خصّ التكلفة الماليّة لهذه الاختبارات، فإنّه من الضروري أن تكون مجانيّة لمن يعاني من أعراض مرضيّة، وأن تكون مقابل تكلفة غير عاليّة، والإبلاغ بنتيجة الفحص تكون عن طريق رسالة إلكترونيّة على هاتف المواطن.

وفي ما خصّ آلية الخروج من الأزمة، فإنّه يتحتّم على الدولة اللبنانية اتخاذ قرارات تساهم في إبقاء الإستنفار قائماً، ومن شأنها أن تؤكد للمواطن أنّ الحياة ليست طبيعيّة، وما زال يعيش في “هدوء حذر”. وهنا، فإنّ الضروري في مرحلة ما بعد التعبئة العامّة، أن تبقى ضوابط تنقل الناس قائمة مثل الإبقاء على آلية المفرد والمجوز لفترة متقدّمة، والتشدّد في التزام المتاجر والمحلات بكل الإجراءات الوقائية، والإبقاء على آلية منع التجوّل ليلاً سارية المفعول. أما في ما خصّ عودة الأعمال، فإنّه من الضروري إتخاذ قرارات على صعيد المؤسسات العامّة والخاصّة، تساهم في تقييم وضعها لناحية إعادة فتح أبوابها بشكل لا يشكّل خطراً على العاملين فيها وعلى المواطنين أيضاً. وفي ما يتعلق بالشركات التي يمكنها أن تؤدي أعمالها عن بُعد، فيمكنها الإستمرار في ذلك خلال هذه المرحلة. وبشأن المدارس والجامعات، فإنّه من الضّروري أن تتخذ الدولة قراراً بإلغاء العام الدراسي الحالي والإمتحانات الرسميّة، إذ أن إقامتها يعتبرُ خطوة خطيرة جداً لناحية جمع الطلاب والأساتذة في أمكنة مغلقة، وهنا تنعدُم كل شروط التباعد الإجتماعي الكفيلة بمنع تفشي الفيروس. وعلى الصعيد الصحّي، يجب أن يعيش المواطن خلال كل هذه الفترة في حالة استنفار، وأن تبقى كل الإجراءات الوقائية قائمة، لناحية تجنّب التجمعات، وارتداء الكمامات الطبيّة والتعقيم الدائم.

المصدر:”لبنان24″