أرقامٌ مُرعبة: لبنان بالمراتب الأولى بعدد إصابات السرطان.. كيف تتجنبون “هيداك المرض”؟

أصبحت أرقام مرضى السرطان مُرعبة في لبنان، فالحالات تتزايد بشكل كبير، فيكاد لا يمر الوقت الا ونسمع ان قريبا او صديقا توفي او أصيب بـ “هيداك المرض” الذي أصبح كالرشح ولكنه للأسف لا يماثله في المُضاعفات، وما زاد الطين بلة في السنوات الأخيرة هي كلفة العلاجات الباهظة التي حرمت نسبة كبيرة من اللبنانيين من متابعة علاجهم بسبب عدم قدرتهم على تغطية التكاليف، ناهيك عن أزمة شح وانقطاع الأدوية السرطانية وأدوية الأمراض المُستعصية.

وفي الأرقام، فقد سجل لبنان في آذار 2021، بحسب تقرير نشره “المرصد العالمي” المنبثق عن منظمة الصحة العالمية 28 ألف إصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 11600 حالة في العام 2020.

واحتلّ لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان، بحسب تقرير صدر في العام 2018 عن منظمة الصحة العالمية. ولفت التقرير الى أن هناك 242 إصابة بين كل 100 ألف لبناني، فيما سُجلت أكثر من 17 ألف إصابة جديدة عام 2018، ونحو تسعة آلاف وفاة بالمرض. فلماذا ترتفع معدلات الاصابة بالسرطان في لبنان بهذا الشكل المُخيف؟

لا شك ان عوامل كثيرة ساهمت في زيادة أعداد المُصابين وفي طليعتها التلوّث البيئي خصوصًا أنّ ما يسجَّل من إصابات غالبًا ما يكون في مناطق ترتفع فيها نسب التلوث بشكل ملحوظ ولاسيما في البقاع والمناطق المجاورة لنهر الليطاني، وقد بينت أكثر من دراسة حول السرطان أجريت في لبنان أن تلوث الهواء فاق نسبة الـ 200%.

ما هي المواد المُسرطنة؟
وفي هذا الإطار، أبدى رئيس “التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني” وممثل “الرابطة الطبية الاوروبية الشرق اوسطية الدولية في لبنان” والباحث البرفسور رائف رضا خشيته من ان تكون حالات السرطان في لبنان هي الأعلى في العالم وذلك في ظل عدم وجود احصائيات دقيقة حوله وفي ظل الفلتان الحاصل على صعيد التلوث البيئي والناجم عن دواخين المصانع وحرق النفايات وديزل السيارات وتخزين بعض المواد الغذائية بعبوات بلاستيكية تتفاعل مع مادة الـ phatalate المُسرطنة.

وأشار رضا في حديث عبر “لبنان 24” إلى ان “أعداد الإصابات كبيرة في لبنان وبحسب وزارة الصحة هناك 30 ألف حالة ولكن بعد عام 2019 ازدادت الحالات بشكل مُخيف”، مشددا على ان “ازدياد الحالات سببه التلوث البيئي بشكل رئيسي”.

وأوضح ان “المواد المُسرطنة او التي تسبب المرض هي المواد الكيميائية والأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية إضافة إلى التلوث البيئي والذي هو جريمة العصر في لبنان”،كما قال.

وأضاف: “في لبنان نعيش داخل بيئة ملوثة ولا نعرف ماذا نتنشق”، ولفت إلى ان “التغيير في تركيبة الهواء وتضاعف مادة “الديوكسين” المسرطنة جراء حرق النفايات وإشعال الإطارات ودواخين المصانع تؤدي مع مرور الوقت للإصابة بالسرطان”.

وحذر من ان “أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان منذ عام 2019 هي الأخطر، فطمر النفايات يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية وبالتالي تصبح المنتجات والمحاصيل الزراعية التي تتغذى بمياه الأنهار ملوثة ولاسيما التلوث الحاصل في نهر الليطاني وبعض مناطق البقاع الغربي، حيث نسبة الإصابات في هذه المناطق مرتفعة بشكل كبير وفي شكا أيضا حيث يُعاني السكان من دواخين المصانع”.

كما حذر من تخزين الألبان والاجبان وحفظ المياه والزيوت النباتية وزيت الزيتون داخل في عبوات بلاستيكية لأنها تتفاعل مع مادة phatalate المسرطنة، ودعا لتجنب حفظ اللحوم المجلدة والوجبات السريعة التي تتضمن المواد الحافظة داخل معلبات بلاستيكية إضافة إلى الصبغات والملونات التي تُضاف لتصنيع بعض المأكولات والتي تحتوي على تركيبات كيميائية .

ولفت أيضا إلى “ان آواني الطهي تحتوي في داخلها على مواد بلاستيكية ورصاص ومعادن، وتصبح هذه المواد مع مرور الوقت مُسرطنة”. وتطرق أيضا إلى مواد الاستحمام وتنظيف البيوت والمبيدات الزراعية ونوعية الحقن التي تُعطى للدواجن لزيادة وزنها.

ونبّه إلى” أن التدخين والمخدرات والكحول وصبغات الشعر تؤدي إلى الإصابة بأحد أنواع السرطان”. وشدد أيضا على وجود عامل الوراثة للإصابة بالسرطان ولاسيما سرطان الثدي عند النساء والبروستات عند الرجال.

سبل الوقاية
يدعو رضا لضرورة التنبه إلى صحة الغذاء من خلال تجنب المواد الحافظة ومعرفة اختيار الخضار والفواكه وتجنب الآواني البلاستيكية واستبدالها بالزجاجية والابتعاد قدر المستطاع عن التدخين والمخدرات والكحول.

وطالب بمعالجة مشكلة النفايات سريعا وتفعيل عمل ودور وزارات الزراعة والصحة والبيئة للحد من التلوث بمختلف أوجهه.

كما شدد على ضرورة إجراء الفحوصات الدورية اللازمة للكشف المبكر عن السرطان، داعياً لعدم التساهل في حال وجود عوارض مرضية ومراجعة الطبيب فورا لتحديد الأسباب وعدم إهمال أي عارض صحي.

وهنا لا بد من الإشارة إلى ان الحالات المتقدمة للسرطان في لبنان حاليا هي نتيجة التأخر في التشخيص المبكر وعجز الناس عن إجراء الفحوص السنوية للوقاية والكشف عن المرض بسبب تكلفتها الباهظة، ويبقى في النهاية الأمل بأن يتوصل العلم إلى علاج فعال ونهائي يقضي على هذا المرض ويهزمه هزيمة كاملة.